منذ أن رفع هذا الشعار
وأعداد المدخنين في الزيادة وكأن هذا الشعار كان بغرض لفت الانتباه وليس بغرض
التحذير. وبعيداً عن الإحصائيات والأرقام فالواقع الملموس يظهر بوضوح المأساة التي
أضحت تلازم كل بيت تقريباً إلا ما رحم ربي.
وإن قلت إن دخان السيجارة يساهم في تلوث
الهواء وهدم البيئة فأكون بذلك ظالما ومتجنياً عليه بالرغم من أنه يطلق على ذلك
الدخان المتصاعد من السيجارة الاسم العلمي "دخان البيئة المتصاعد من
التبغ" إلا أن تلك السيجارة الضعيفة المستكينة القابعة داخل بيتها الورقي
تهدم هذا المخلوق الذي خلقت لأجله جميع الكائنات ... إنها تهدم الإنسان ذاته
وتخلفه ورائها كومة من العظام التي لو كانت بالية لكانت أفضل حالاً من واقعها
المرير.
وقد تعجب كثيراً عندما تعرف أن للمدخن
وجهاً خاصاً ...! نعم هذا ما توصل إليه
دوجلاس موديل عام 1985 م
عندما أطلق مصطلحاً جديداً أسماه "وجه المدخن" وقد أشار إلى العديد من
الخصائص التي تتميز بها وجوه المدخنين منها ما يلحق ببشرته من خطوط وتجاعيد حول
العينين والشفتين والوجنتين كما يكون جلد وجهه سميك وغليظ ويميل للون الأزرق لنقص
الأكسجين به.
ودعني أسرد لك بعض المواد التي تدخل في
صناعة السيجارة عسى أن تحثك الأسماء الثقيلة لهذه لمواد على إعادة النظر في علاقتك
بالتدخين وهذه المواد هي الأمونيا والزرنيخ والبنزين والبيوتان وأول أكسيد الكربون
والكادميوم والدي دي تي والرصاص والنفثالين ومستخلص نبات حشيشه الملاك وغيرها. كل
هذه المكونات في مجملها مكونات سامة ويضاف إليها مواد أخرى على نفس الدرجة من
السمية أو أكثر ويتم خلطها جميعاً ويصنع منها السيجارة. لذلك فلا عجب أن يكون
الناتج ما يزيد على 4000 ماده سامة في دخان السيجارة لها مفعول قاتل هذه المركبات
السامة تمتص مباشرة في الدم ومنها إلى خلايا الجسم المختلفة حيث تبدأ رحله
المعاناة بعد ذلك من مختلف الأمراض بدءً من ضيق الأوعية الدموية وأمراض الرئة
والقلب وقرحة المعدة وانتهاءً بالسرطان بأنواعه المختلفة.
ثم تبدأ رحله الإدمان،
وطالما تكلمنا عن الإدمان فعلينا أن نشير إلى أن أحدث الأبحاث تؤكد أن إدمان
التدخين لا يأخذ إلا بضعة أيام قليلة بل إن هناك بعض الأبحاث تؤكد أن سيجارة واحدة
تكفي للوصول إلى الإدمان وليس كما كان معتقدا في الماضي من أنه يأخذ فترة طويلة
للوصول إلى مرحلة الإدمان. ويعد النيكوتين هو المسئول عن مرحلة الإدمان في المقام
الأول حيث إنه يتواجد في دخان السيجارة ويصل إلى مخ الإنسان في خلال 10 ثواني فقط
من تنفسه حيث يبدأ دوره وعمله كمنشط لخلايا المخ وبذلك يعتاد الإنسان على تناول
جرعة منه يومياً.
وليت الأمر ينتهي عند حدود المدخن
لتركناه وشأنه فهو أدرى بنفسه حتى وإن لم يكن لكلامي هذا صدى عنده أو كان من الضعف
بحيث لا يستطيع الإقلاع عن التدخين ما لفت ذلك الأنظار، لكن الضرر يتعداه إلى غيره
من غير المدخنين وهذا ما يطلق عليه "التدخين السلبي" لغير المدخنين.
لذلك أخي المدخن لست حراً فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
إن ما ينفثه المدخن من بقايا سيجارته في
الهواء لا يقل خطورة في تأثيره الضار عن الدخان المتصاعد من السيجارة على غير
المدخنين ويمتد تأثير حتى إلى الأجنة في بطون أمهاتهم ونقصد بالتدخين السلبي:
استنشاق خليط من الدخان المتصاعد من السيجارة ودخان الزفير الناتج من المدخن. وقد
دعا ذلك الوكالة الأمريكية لحماية البيئة إلى إصدار تقرير عام 1993 تشير فيه إلى
أن دخان البيئة المتصاعد من التبغ مسبب رئيسي لسرطان الرئة عند غير المدخنين
والملفت للنظر هنا هو الانتقادات التي وجهت لهذا التقرير من قبل القاضي الفيدرالي
الأمريكي والذي أعلن عدم صحة ما جاء في التقرير، فهل يا ترى هذا القاضي يملك من
العلم ما يؤهله أن ينتقد أو يحكم على تقرير قام به علماء متخصصون!؟ ... إن هناك
أيادٍ خفية تقف وراء شركات التبغ لتحقق أرباحا طائلة تستخدم لإبادة شعوب أخرى!
..... وأظن الكلام واضحاً.
ومن الغريب ما طالعتنا به الأبحاث من
تأثر كفاءة أجهزة الحاسبات الآلية من الأدخنة المتصاعدة من السيجارة والغريب ليس
في تأثر كفاءة هذه الحاسبات ولكن الغريب أن سارع بنو آدم فشيدوا لها الغرف المكيفة
والمجهزة للإقامة الدائمة بل الأغرب من ذلك أن منع التدخين في هذه الغرف وكأن لا
للتدخين ليست لبني البشر.
وإن كنت تريد الحكم الشرعي في التدخين
فسوف أقربه للأذهان دون أن أدلي به صراحة، وعليك أن تجيب عن هذه ألمجموعه من الأسئلة.
إذا أردت أن تدخن فهل تقول بسم الله كما
تفعل عند بداية الطعام؟
إذا فرغت من التدخين فهل تقول الحمد لله
كما تفعل عند الانتهاء من الطعام؟
هب أنك وجدت إنسانا يخرج كل يوم من جيبه
بضعة جنيهات ثم يقوم بحرقها في الهواء فماذا يكون رد فعلك؟ هل تقول مجنون أو مختل
أو شديد الثراء؟
وإن سلمنا أن هذا الإنسان شديد الثراء
ولا يهتم بأمر المادة فماذا يكون رد فعلك إذا رأيت هذا الإنسان يقوم بحرق بضعة
جنيهات يومياً ثم بعد ذلك يجلس بجانب خط أنابيب المجاري يستنشق رائحتها بكل زهو
وفخر...؟
معذرةً يا ساده فهذا هو المدخن عن قرب
وبحقيقته المجردة دون أن نضع نظارة السيجارة على عينيه وعذرا أخي المدخن فلا يمكنني
أن أزين الكلام.
وأخيراً
هل تريد أن تصاب بجميع الأمراض المعروفة وغير المعروفة وتعيش عليلاً طوال حياتك...
إن طالت بك الحياة؟ هل تود أن ينفر منك الناس ومن رائحة فمك الكريهة؟ ... هل تريد
أن يبدو فمك مظلما من سواد أسنانك عندما تضحك أو تفتح فمك؟ هل تريد أن تشعر بضيق
كبير عند بذل أي مجهود وإن كان بسيطاً؟
إن كنت فعلا تريد ذلك فعلاً فهذه دعوة
للتدخين.
وحتى لا أضعك في الصحراء وألومك لأنك لا تعرف الطريق،
فإليك طريق الإقلاع عن التدخين وكل ما عليك هو أن تمشي فيه حتى النهاية. والطريق
هو:
العزيمة الصادقة التي
لا يتميز بها إلا صفوة الرجال.
ا.د. وسام الدين
إسماعيل
أستاذ
الميكروبيولوجي - معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة - الجيزة - مصر
بارك الله فيكم وهداهم الي سبيل الرشاد
ردحذفاللهم عافنا
ردحذف