التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل الانتحار هو الحل؟


في قراءاتي للأخبار في الصحف والجرائد اليومية لاحظت أن ظاهرة الانتحار أخذت تنتشر بشكل كبير، فالشخص المقدم علي الانتحار يقرر في لحظة ما التخلص من حياته. وسواء انتهي أمره أو أنقذه أحد ممن حوله، فالمنتحر يتخيل أن هذا هو الحل الأمثل للتخلص من مشكلاته ومعاناته، فيذهب ويترك الألم والحزن والذهول لمن حوله. وقد تكون هناك علامة استفهام كبيرة جداااااا لماذا فعل ذلك؟ انه شيء يدعو للأسف والحزن أن تجد الشخص ينهى حياته في سهولة ولسبب غريب لو فكر قليل قد يستغنى عنه أو يجد حلا لمشكلاته.  

المشكلة

عند النظر لمعدلات الانتحار نجدها متزايدة في العالم أجمع ليس فقط في الدول المتقدمة - على الرغم أنها تتميز بسهولة الحياة وعدم وجود تعقيدات كبيرة فكل ما يطلبونه يجدوه بدون تعب أو جهد – ولكنها موجودة أيضا في الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل فماذا حدث؟؟؟؟؟ لماذا يلجئون إذاً إلى الانتحار؟ هل وهبنا الله الحياة لنتخلص منها؟

عندما نكشف عن نسب الانتحار نجدها مفزعة فقد ينتحر شخص كل 40 ثانية وهو ما تؤكده منظمة الصحة العالمية، وان أكثر فئة عمرية تقدم على الانتحار هو سن الشباب من 15 - 29 سنة. كما اظهر التقرير أن معدلات الانتحار بين الرجال بوجه عام اعلي منها بين النساء، وفي الدول الثرية يبلغ عدد الرجال المنتحرين ثلاثة أمثال عدد النساء. ومع كل هذا هناك بعض الحالات لا تفصح عنها المجتمعات لاعتبارات مختلفة قد تكون دينية أو أخلاقية.

على مستوي الدول، نجد مثلا أن دولة اليابان أو ما تعرف بالإمبراطورية العظيمة، يسمى أول يوم من سبتمبر بأنه يوم انتحار المراهق في اليابان فهو يوافق انتحار أكبر عدد من الأطفال في عمر 18 عاما. ومن خلال الإحصائيات فان أكثر الدول انتحارا هي جمهورية غيانا الواقعة في أمريكا الجنوبية وان اقل دولة هي المملكة العربية السعودية.

لذلك تنصح منظمة الصحة العالمية الحكومات أن تهتم لهذه الظاهرة ولا تهملها. واهم شيء أن يكون هناك تنسيق بين كافة القطاعات والاهتمام بالصحة النفسية للمواطنين. فإهمال الصحة النفسية للمواطنين يؤثر بالسلب على الإنتاج وبالتالي تقدم الدول فقد أصدرت إحصائيات المنظمة أن بعض الدول يوجد بها طبيب نفسي واحد لكل 100 ألف شخص.

السبب

عند النظر لهذه المشكلة نجد أن من اهم أسبابها غياب الترابط الأسري والدفء العائلي، فلا تجد الآباء يهتمون لشؤون الأبناء مع أنهم يعيشون في بيت واحد لكنه كالفندق يشعرون بالوحدة والعزلة، وهم بين أباءهم وأمهاتهم وإخوانهم.

قد تتغلب المشاكل النفسية على الشخص مثل الاكتئاب واضطراب الشخصية أو المرور بتجربة أليمة. كذلك الإدمان سواء كان كحول أو مخدرات فهي تذهب عقل الشخص ولا يحس أو يشعر بما يفعله. أيضا المشاكل الاقتصادية وتراكم الديون تسهم بشكل كبير في ذلك. هناك بعض الأدوية مثل أدوية مضادات الاكتئاب التي تجعل الإنسان يشعر بالرغبة في التخلص من حياته والإقدام على الانتحار.

الحل

على الرغم من قلة هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية إلا إنها موجودة بسبب التقليد الأعمى للعادات الغربية التي لا تمت لمجتمعاتنا بصلة. فلا تجد في المجتمعات العربية هذا الفراغ الروحي وضعف الإيمان، فلا ينقصنا صفاء الروح وهدوء النفس والسكينة والطمأنينة. فهذه الأمور ليست غريبة عنا لأننا نصل إليها من قراءة القرآن واتباع سنة نبيه (ص)، قال الله تعالى: وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا (النساء:81)، فإن كانت لك حاجة فحسبك تفزع إلى الله طالبا منه قضاءها.

نعم جميلة هي الحياة في ظل ديننا الإسلامي الحنيف ولكن - ونضع تحت هذه الكلمة كثير من الخطوط الحمراء - من يستوعب هذا الدين ويعرف جماله؟ فاين نحن من الاستغفار فانه مكفر الذنوب ومزيل الهموم وضيق الأنفس. قال الله تعالى: فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا (نوح:10-12)

يجب أن يكون الإيمان في قلوبنا ليس في بطاقاتنا الشخصية فقط. فالانتحار لن يحل مشكلة، قد ينتحر الشخص وتظل المشكلة قائمة، لذلك علينا أن نتذكر أمر الله لنا بحفظ النفس في قوله تعالي: وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا (النساء: 29).

الله سبحانه وتعالي حرم قتل الغير وجعله من الكبائر فما بالك بنفسك التي بين جنبيك. أعاذنا الله من هذه الأفة وحمانا وكل أحابتنا من هوى النفس واتباع خطوات الشيطان.

إيمان محمود
ليسانس دراسات إسلامية - جامعة الأزهر - مصر

تعليقات

  1. أغلب الأشخاص المقدمة على الانتحار فعلا من غير المسلمين
    ولذا كما تفضلتم وذكرتم أن الحل يكون بإتباع تعاليم الدين الإسلامي
    جزاكم الله خيرا
    أسلوب شيق وعرض ممتع

    ردحذف
  2. موضوع يستحق النشر، فنسب الانتحار في تزايد، وأضحى الانتحار ينفذ عن طريق بعض الحكومات الغربية تحت مسمى الموت الرحيم. ولو يعقل المقدم على الانتحار عاقبة فعله في الدار الآخرة لما فعل، في تقديري الحل يكمن في تقوية الجانب الإيماني أولا، والكل له تبع، اللهم احفظنا من السوء.

    ردحذف
  3. شكرا علي المرور والتعليق

    ردحذف
  4. فعلاً هذه حقيقة وأصبحت ظاهرة في حياتنا بشكل كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله فعلاً ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعما

    ردحذف
  5. شكرا علي المرور والتعليق.... بارك الله فيكم

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشار أو الزعتر الإسباني

أنصح بزراعة هذا النبات في شُرفة كل بيت. إنه الشار نبات عشبي معمّر من العائلة الشفوية التي تضم أيضًا النعناع والزعتر والمريمية والريحان وهو نبات من أروع النباتات وأكثرها قيمة غذائية وطبية وهو من النباتات الطبية والعطرية السهل جداً زراعتها في شرفة المنزل والاستفادة منها مباشرة. اسمه العلمي Plectranthus amboinicus   وأوراقه بيضاوية سميكة وعصارية هشة ولها رائحة عطرية طيبة ينمو بسرعة ويتشعب كثيراً ويمتد في الأرض ويصلح أن يكون من النباتات المتدلية له تسميات كثيرة منها الزعتر الإسباني، الزعتر الفرنسي، النعناع المكسيكي، لسان الثور الهندي، الأورجانو الكوبي، زهرة الغمد العطرة وهو يختلف عن الزعتر البلدي المعروف وهو ينبت في الطبيعة في جنوب السعودية وفي اليمن ويسمونه الشار ويزرع بشكل واسع في بلاد الهند وفي جنوب شرق آسيا ويستخدم في الطهي في منطقة البحر الكاريبي والهند وماليزيا، كما ينمو في المناطق شبه المدارية أو المعتدلة الدافئة بما في ذلك نيبال وسريلانكا وبورما واجزاء من شرقي أفريقيا، ويزرع أيضا كنبات للزينة لرائحته الطيبة وحالياً يزرع بشكل واسع في إقليم جوجارات بالهند من أجل استع...

نعمة اسمها المخلفات

قد يبدو الأمر غريبا للوهلة الأولى، وقد ولا يحتاج لطرح موضوع كهذا. ولكن قبل أن نتسرع في الإجابة دعنا نتتبع أصل المشكلة منذ البداية ثم ليكن بعد ذلك الامر ما يكون. ففي بداية حياة الإنسان على هذه الأرض حيث كانت المجتمعات صغيرة ومحدودة كان الإنسان يتخلص من مخلفاته في نفس المكان الذي يقطنه ٍويعيش فيه، وبالطبع فإن هذه المخلفات التي يتركها الإنسان حوله في هذا المجتمع الصغير كانت تمثل مشكلة، إلا أنها لم تكن مشكلة عويصة نظراُ لأن هذه المجتمعات الصغيرة لا ينتج عنها هذا الكم الضخم من المخلفات ­– كما في عصرنا الحالي- حيث كان يكمن الحل وبمنتهى البساطة في الرحيل من هذا المكان إلى مكان جديد ونظيف!!! ثم سرعان ما تهب الطبيعة الأم لإعادة تدوير هذه المخلفات وتحليلها والتخلص منها لتعيد البيئة إلى ما كانت عليه وبمنتهى السرعة والكفاءة. لذا كانت البيئة كلها أشبه بمحمية طبيعية كبيرة، وكان يمكنها أن تتغلب على ما يعتريها ويؤرقها من ملوثات. ولو توقف الأمر عند هذا الحد لما كانت هناك مشكلة ولما احتجنا لطرح هذا السؤال السابق ولما احتجنا إلى كتابة هذا المقال أصلاُ.   ولكن عندما عرف الإنسان الزراعة والصناعة ...

الرزق الجميل – هل هو المال؟

من منا لا يريد المال ويسعى جاهداً في طلبه؟ ولكن هل الرزق هو المال فقط أم هناك أرزاق أخرى؟ هل نمتلك أجمل الأرزاق التي تنفع النفس والأبناء في الدنيا والآخرة؟ خلقنا الله جميعا من نفس واحدة وقسم الرزق على عباده، فالله يكتب للإنسان رزقه وهو في بطن أمه ومنذ ذلك الوقت، اعلم انه لن يستطيع أحد أخذه أو سلبه منك. وعلى الرغم من وضوح النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة عن الرزق، إلا أن الأنسان دائما ما يشغله المال اعتقادا منه بأن رزقه ينحصر في شيء واحد فقط وهو المال، فالمال من الأرزاق التي أعطاها الله للإنسان ولكنه ليس كل شيء. ما هو الرزق الجميل؟ وقد لخص ابن الجوزي رحمه الله ذلك في قوله: فلا تجعلوا فهمكم للزرق يتوقف عند حدود المال والبنين، بل إن أجمل الأرزاق سكينة الروح ونور العقل وصفاء القلب وسلامة الفكر، وإن من أجمل الأرزاق دعوة أم، ورضا أب، وصحبة طيبة. الحقيقة إن قول رسول الله صلي الله عليه وسلم جمع هذه الكلمات وأكثر منها في قول بليغ "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". الغالبية منا يسعى لطلب المال، ...