التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لمن يريد النجاح ... تعلم أسباب الفشل

في إحدى محطات مترو أنفاق العاصمة الأمريكية واشنطن وفي صباح يوم مزدحم، وقف رجل يحمل آلة كمان وبدأ يعزف عليها عدة مقاطع مختارة من موسيقي باخ واستمر يعزف لمده ٤٥ دقيقة، وخلال هذه المدة، مر عليه حوالي 1100 شخص في محطة المترو، كان معظمهم في طريقهم صباحاً إلى العمل! ولم يتوقف ويُصغي لهذا العازف إلا 6 أشخاص فقط، بينما أعطاه 20 شخص فقط بعض المال والذي بلغ مجمله 32 دولار فقط!
وعندما أنتهى هذا العازف لم يُصفق له أحد، ولم يلاحظ أحد أن هذا العازف هو "جوشوا بيل" وهو  واحد من أشهر عازفي الكمان في الولايات المتحدة الأمريكية، بل وعلى مستوى العالم، وأنه قد عزف أمامهم مجموعة من المقطوعات الموسيقية الأكثر تعقيداً، والأكثر روعة لـ باخ وأنه كان يعزف علی كمان قيمته 3.5 مليون دولار، وأنه قبل يومين فقط من لحظة عزفه في مترو الأنفاق، بيعت تذكرة الدخول لحفلته في أحد المسارح في بوسطن بحوالي 100 دولار وكان على حفلته إقبال غير مسبوق من عشاق الموسيقى!
أما لماذا عزف "جوشو بيل" في محطة المترو، فإن هذا قد تم ضمن تجربة نظمتها صحيفة الـ واشنطن بوست كدراسة اجتماعية حول الإدراك وأولويات البشر!
في هذه التجربة كان لدينا مُنتج مميز جداً (مقطوعات موسيقية عالمية صعبة العزف) وكان لدينا عازف عالمي (هو الأفضل عالمياً) وكان لدينا آلة كمان ذات أداء عالي جداً وباهظة الثمن ورغم كل هذا فقد كان الفشل هو ثمرة هذا العمل، ترى ما السبب؟
وإليكم الأسباب:
أولاً: لقد تم تقديم هذا الإبداع مجاناً وكأنه عمل رخيص لا قيمة له!
ثانياً: تم تقديم هذا العمل الراقي في مكان غير مناسب (محطة مترو الأنفاق).
ثالثاً: تم تقديم هذا العمل في توقيت خاطئ (أثناء ذهاب المواطنين للعمل صباحاً).
رابعاً: لم يتم عمل أي إعلان أو تعريف أو أي وسيلة دعائية للترويج لهذا العزف المميز.
خامساً: عدم تقديم هذا المنتج للفئة التي تُقدره والتي تعلم قيمته وتُقدره حق قدره!
وعليه فيكون الفشل هو المُحصلة النهائية والمتوقعة التي حصل عليها شخص ناجح وموهوب ويقدم عمل ناجح ذو جودة عالية وراقية ولكن في ظروف أخرى!
 ومن هذه التجربة المميزة نتعلم أن هناك عدة عوامل أساسية يجب عليك أن تضعها في الاعتبار لضمان النجاح وعدم الفشل لأي عمل تُقدمه أو حتى على مستوى سعيك الشخصي وهي ألا تبيع مُنتجك أو أفكارك أو تهب مجهودك ذو الجودة العالية إلا بالسعر أو بالثمن المناسب وفي المكان المناسب، ولا تُقدم على هذا الفعل بدون أن تُعرفَ الناس بهذا المنتج بالدعاية المناسبة وأخيراً لا تنسى نوعية البشر الذين ستقدم لهم هذا المنتج.
إذا طبقت هذه الأمور الهامة فلن تفشل على المستوى الشخصي ولن يفشل لك منتج أو عمل، وسيكون النجاح هو رفيقك دائماً.  هذه خلاصة ما قرأته في كتبٍ كثيرة وتعلمته من تجارب الحياة لنماذج كان النجاح حليفها وهو أساس يصلح أن تطبقه في كل حياتك، بل هو سر أسرار النجاح لمن يريد النجاح.
الأستاذ الدكتور
أحمد مصطفي كمال
مركز البحوث الزراعية - الجيزة - مصر

تعليقات

  1. خلاصة رائعة يا دكتور.... اعتقد انها وضعت في المكان المناسب

    ردحذف
  2. نشكرك دكتور أحمد على روعة الأداء، وعمق الفكرة، وخلاصة التجربة.

    ردحذف
  3. تقديم مميز لفكرة وخلاصه راقيه شكرا

    ردحذف
  4. فكر مميز للعقول الراقيه الذى تريد النجاح اشكرك

    ردحذف
  5. لا يباع الحر في سوق النخاسة

    ردحذف
  6. مقال اكثر من رائع

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشار أو الزعتر الإسباني

أنصح بزراعة هذا النبات في شُرفة كل بيت. إنه الشار نبات عشبي معمّر من العائلة الشفوية التي تضم أيضًا النعناع والزعتر والمريمية والريحان وهو نبات من أروع النباتات وأكثرها قيمة غذائية وطبية وهو من النباتات الطبية والعطرية السهل جداً زراعتها في شرفة المنزل والاستفادة منها مباشرة. اسمه العلمي Plectranthus amboinicus   وأوراقه بيضاوية سميكة وعصارية هشة ولها رائحة عطرية طيبة ينمو بسرعة ويتشعب كثيراً ويمتد في الأرض ويصلح أن يكون من النباتات المتدلية له تسميات كثيرة منها الزعتر الإسباني، الزعتر الفرنسي، النعناع المكسيكي، لسان الثور الهندي، الأورجانو الكوبي، زهرة الغمد العطرة وهو يختلف عن الزعتر البلدي المعروف وهو ينبت في الطبيعة في جنوب السعودية وفي اليمن ويسمونه الشار ويزرع بشكل واسع في بلاد الهند وفي جنوب شرق آسيا ويستخدم في الطهي في منطقة البحر الكاريبي والهند وماليزيا، كما ينمو في المناطق شبه المدارية أو المعتدلة الدافئة بما في ذلك نيبال وسريلانكا وبورما واجزاء من شرقي أفريقيا، ويزرع أيضا كنبات للزينة لرائحته الطيبة وحالياً يزرع بشكل واسع في إقليم جوجارات بالهند من أجل استع...

نعمة اسمها المخلفات

قد يبدو الأمر غريبا للوهلة الأولى، وقد ولا يحتاج لطرح موضوع كهذا. ولكن قبل أن نتسرع في الإجابة دعنا نتتبع أصل المشكلة منذ البداية ثم ليكن بعد ذلك الامر ما يكون. ففي بداية حياة الإنسان على هذه الأرض حيث كانت المجتمعات صغيرة ومحدودة كان الإنسان يتخلص من مخلفاته في نفس المكان الذي يقطنه ٍويعيش فيه، وبالطبع فإن هذه المخلفات التي يتركها الإنسان حوله في هذا المجتمع الصغير كانت تمثل مشكلة، إلا أنها لم تكن مشكلة عويصة نظراُ لأن هذه المجتمعات الصغيرة لا ينتج عنها هذا الكم الضخم من المخلفات ­– كما في عصرنا الحالي- حيث كان يكمن الحل وبمنتهى البساطة في الرحيل من هذا المكان إلى مكان جديد ونظيف!!! ثم سرعان ما تهب الطبيعة الأم لإعادة تدوير هذه المخلفات وتحليلها والتخلص منها لتعيد البيئة إلى ما كانت عليه وبمنتهى السرعة والكفاءة. لذا كانت البيئة كلها أشبه بمحمية طبيعية كبيرة، وكان يمكنها أن تتغلب على ما يعتريها ويؤرقها من ملوثات. ولو توقف الأمر عند هذا الحد لما كانت هناك مشكلة ولما احتجنا لطرح هذا السؤال السابق ولما احتجنا إلى كتابة هذا المقال أصلاُ.   ولكن عندما عرف الإنسان الزراعة والصناعة ...

الرزق الجميل – هل هو المال؟

من منا لا يريد المال ويسعى جاهداً في طلبه؟ ولكن هل الرزق هو المال فقط أم هناك أرزاق أخرى؟ هل نمتلك أجمل الأرزاق التي تنفع النفس والأبناء في الدنيا والآخرة؟ خلقنا الله جميعا من نفس واحدة وقسم الرزق على عباده، فالله يكتب للإنسان رزقه وهو في بطن أمه ومنذ ذلك الوقت، اعلم انه لن يستطيع أحد أخذه أو سلبه منك. وعلى الرغم من وضوح النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة عن الرزق، إلا أن الأنسان دائما ما يشغله المال اعتقادا منه بأن رزقه ينحصر في شيء واحد فقط وهو المال، فالمال من الأرزاق التي أعطاها الله للإنسان ولكنه ليس كل شيء. ما هو الرزق الجميل؟ وقد لخص ابن الجوزي رحمه الله ذلك في قوله: فلا تجعلوا فهمكم للزرق يتوقف عند حدود المال والبنين، بل إن أجمل الأرزاق سكينة الروح ونور العقل وصفاء القلب وسلامة الفكر، وإن من أجمل الأرزاق دعوة أم، ورضا أب، وصحبة طيبة. الحقيقة إن قول رسول الله صلي الله عليه وسلم جمع هذه الكلمات وأكثر منها في قول بليغ "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". الغالبية منا يسعى لطلب المال، ...